أوضح رئيس الوزراء الإسرائيلي، بنيامين نتانياهو، للرئيس الأميركي، جو بايدن، في مكالمة هاتفية، الجمعة، أن التعليقات العامة التي أدلى بها، الخميس، والتي بدا فيها رافضا لفكرة إنشاء دولة فلسطينية، لم يكن المقصود منها “منع هذه النتيجة بأي شكل من الأشكال”، حسبما ذكر مصدر مطلع على المحادثات لشبكة “سي إن إن”.
وجاءت المكالمة بين بايدن ونتانياهو، بعد تصريحات صدرت عن الأخير، الخميس، أكد فيها أنه أبلغ واشنطن بأنه يرفض إقامة دولة فلسطينية في أي سيناريو لما بعد الحرب في غزة.
وذكر نتانياهو، في مؤتمر صحفي، أنه أبلغ واشنطن بمعارضته لأي دولة فلسطينية لا تضمن أمن إسرائيل، وقال “يجب أن يكون لإسرائيل سيطرة أمنية على كامل الأراضي الواقعة غرب نهر الأردن. وهذا شرط ضروري”.
وشدد نتانياهو على أن “هذا شرط ضروري ويتعارض مع فكرة السيادة (الفلسطينية)”.
ومن جانبه، أضاف المصدر الذي تحدث إلى “سي إن إن”، أن بايدن ونتانياهو ناقشا السمات المحتملة للدولة الفلسطينية المستقبلية التي ستحتاج في النهاية إلى التفاوض بشأنها، واصفا المحادثة بأنها “جادة ومفصلة”.
وقال الشخص المطلع الذي لم تذكر الشبكة اسمه، إن مسؤولي إدارة بايدن انخرطوا مؤخرا في مناقشات حول دولة فلسطينية منزوعة السلاح في المستقبل، وهي فكرة يجدها الرئيس الأميركي “مثيرة للاهتمام”.
وقال أحد مسؤولي الإدارة إن بايدن على دراية بالتأكيد بأفكار الدولة الفلسطينية “منزوعة السلاح أو دولة ذات قوة عسكرية محدودة إلى حد كبير والتي تمت مناقشتها على مر السنين”.
وأضاف المسؤول أن “هذه من بين المدارس الفكرية التي توجه تفكير الرئيس وهو يدفع من أجل حل الدولتين مع ضمان أمني لإسرائيل”.
وبعد ساعات من انتهاء المكالمة الهاتفية مع نتانياهو، أشار بايدن إلى هذا الاحتمال عندما تحدث إلى الصحفيين في البيت الأبيض، قائلا إنه يعتقد أن “هناك عددا من أنواع حلول الدولتين”.
وردا على سؤال بشأن ما إن كان حل الدولتين “مستحيلا” بوجود نتانياهو في منصبه، قال بايدن “لا ليس كذلك”.
وأشار إلى أن هناك عددا من الأنماط الممكنة إذ أن بعض الدول الأعضاء في الأمم المتحدة ليس لديها قوات مسلحة، مضيفا “أعتقد أن هناك طرقا لإنجاح هذا الأمر”.
وتابع: وقال بايدن للصحفيين: “سأخبركم عندما أجعله يوافق”.
وقال بايدن وكبار مسؤوليه، بما في ذلك وزير الخارجية، أنتوني بلينكن، الذي زار إسرائيل والمنطقة الأسبوع الماضي إن إنشاء دولة فلسطينية مع ضمانات لأمن إسرائيل هو السبيل الوحيد لإحلال السلام والاستقرار في الشرق الأوسط في النهاية.
ويرى بايدن أن احتمال قيام دولة فلسطينية منزوعة السلاح يمثل فرصة سانحة.
وأحد الزعماء العرب الذين ناقشوا مؤخرا فكرة الدولة الفلسطينية “منزوعة السلاح” علنا هو الرئيس المصري، عبد الفتاح السيسي.
دولة فلسطينية “منزوعة السلاح”.. ماذا تعني وما إمكانية تطبيقها؟
أثار حديث الرئيس المصري، عبدالفتاح السيسي، عن “دولة فلسطينية مستقبلية منزوعة السلاح”، التساؤلات عن معنى هذا المفهوم، ومدى قبول إسرائيل والسلطة الفلسطينية لـ”المقترح”، بينما يكشف مسؤولون ومختصون لموقع “الحرة” مدى إمكانية تطبيق ذلك على أرض الواقع.
والجمعة، قال بايدن أيضا للصحفيين، إنه “في حالة الحل الصحيح”، فإنه يعتقد أن نظيره الإسرائيلي سيوافق في النهاية على حل الدولتين.
وكانت مكالمة بايدن الهاتفية مع نتانياهو هي الأولى لهما منذ ما يقرب من شهر وامتدت حوالي 40 دقيقة.
وكانت آخر مرة تحدث فيها بايدن ونتانياهو في 23 ديسمبر، وأثار عدم التواصل بينهما مذاك تساؤلات بشأن وجود خلاف، وفق وكالة “فرانس برس”.
وعقب المكالمة، قال المتحدث باسم مجلس الأمن القومي الأميركي، جون كيربي، إن بايدن “أكد في المكالمة الهاتفية اقتناعه القوي بإمكانية تطبيق حل الدولتين”.
وأشار كيربي إلى أن نتانياهو كان يحاول ترتيب الاتصال الهاتفي “منذ مدة”، ونفى أن يكون جاء ردا على تعليقات نتانياهو الخميس التي قال فيها إنه يعارض إقامة دولة فلسطينية لا تضمن أمن إسرائيل.
وقال بيان لـ”البيت الأبيض”، إن بايدن ونتانياهو ناقشا أيضا الجهود المبذولة لتأمين الرهائن المتبقين لدى حماس، وتحول إسرائيل إلى عمليات أكثر “استهدافا” في غزة للسماح بوصول المزيد من المساعدات الإنسانية.
ويضغط بايدن على إسرائيل لتقليل عدد القتلى الفلسطينيين حتى مع الحفاظ على دعمه القوي لإسرائيل في حربها ضد حماس “المصنفة إرهابية في الولايات المتحدة ودول أخرى”.
وحسب ما ذكره البيت الأبيض في بيان بشأن الاتصال الهاتفي فقد “ناقش الرئيس بايدن أيضا رؤيته لسلام وأمن أكثر استدامة لإسرائيل المندمجة بشكل كامل في المنطقة وحل الدولتين مع ضمان أمن إسرائيل”.
الحوكمة والتنشيط.. هل يمكن إعادة تشكيل السلطة الفلسطينية؟
أثارت تصريحات مستشار الأمن القومي الأميركي، جيك سوليفان، حول “تحسين السلطة الفلسطينية من حيث “الحوكمة”، التساؤلات حول معنى هذا المصطلح ومدى إمكانية تطبقه على أرض الواقع، بينما يكشف مختصون لموقع “الحرة” سبل “إعادة تشكيل” السلطة الفلسطينية الحالية.
وناقش الرئيس ورئيس الوزراء الجهود الجارية لضمان إطلاق سراح جميع الرهائن المتبقين الذين تحتجزهم حماس، وفق البيان.
كما استعرضا “الوضع في غزة والتحول إلى العمليات المستهدفة التي ستمكّن من تدفق كميات إضافية من المساعدات الإنسانية مع إبقاء الضغط العسكري على حماس وقادتها”.
ورحب بايدن “بقرار الحكومة الإسرائيلية السماح بشحن الدقيق للشعب الفلسطيني مباشرة عبر ميناء أشدود بينما تعمل فرقنا بشكل منفصل على خيارات لتوصيل المساعدات البحرية المباشرة إلى غزة”.
وناقش بايدن أيضا “التقدم المحرز مؤخرا في ضمان إتاحة إيرادات السلطة الفلسطينية لدفع الرواتب، بما في ذلك رواتب قوات الأمن الفلسطينية في الضفة الغربية”.
وأكد بايدن “المسؤوليات التي تقع على عاتق إسرائيل حتى في الوقت الذي تواصل فيه الضغط العسكري على حماس وقادتها للحد من الأضرار التي تلحق بالمدنيين وحماية الأبرياء”.
وتأتي المكالمة بين بايدن ونتانياهو بعدما أبلغ مسؤولون بالهلال الأحمر عن إطلاق نار كثيف من طائرات إسرائيلية مسيرة على مواطنين في مستشفى الأمل بخان يونس وهي المدينة الرئيسية في الجزء الجنوبي من غزة.
واندلعت الحرب في غزة، إثر شن حماس هجوما غير مسبوق على جنوب إسرائيل في 7 أكتوبر أسفر عن مقتل 1200 شخصا، معظمهم مدنيون، وبينهم نساء وأطفال.
وردا على هجوم حماس، تعهدت إسرائيل القضاء على الحركة التي تحكم غزة منذ عام 2007، ووفق وزارة الصحة التابعة لحماس، قُتل حتى الآن في الغارات الإسرائيليّة 24762 شخصا، غالبيتهم العظمى من النساء والأطفال.