هكذا تؤثر انتهاكات الاحتلال على تغطية الصحفيين لأحداث الضفة

فريق التحرير
كتب فريق التحرير 5 دقيقة للقراءة

رام الله- يواجه الصحفيون الفلسطينيون في الضفة الغربية، عوائق تحول دون حقهم في الوصول إلى المعلومات وأماكن وقوع الأحداث، خاصة نقل ما تتعرض له تجمعات فلسطينية واسعة من انتهاكات يمارسها جيش الاحتلال والمستوطنون.

فالصحافة هي العين التي ترصد الحقائق وتنقلها للعالم، وهي الصوت الذي يناصر الضعفاء ويكشف الانتهاكات. لكن ماذا لو كانت هذه العين معمية وهذا الصوت مكتوما؟ هذا ما يعيشه الصحفيون الفلسطينيون في الضفة الغربية، الذين يتعرضون للمضايقات والمنع والاعتقال والقتل من قبل قوات الاحتلال الإسرائيلي والمستوطنين منذ اندلاع معركة طوفان الأقصى في 7 أكتوبر/تشرين الأول الماضي، أبرز هذه الانتهاكات القتل والضرب والاعتقال والمنع من التغطية، وفق نقابة الصحفيين الفلسطينيين.

لا خطوط حمراء

من بين الصحفيين الذين تعرضوا للاعتداء الزميل منتصر نصار مراسل قناة الجزيرة ومصور القناة أحمد عمرو، الذي تعرض للضرب المبرح في 29 ديسمبر/كانون الأول الماضي خلال تغطيته عملية دعس جنوبي الخليل.

يقول نصار للجزيرة نت إن ما جرى معه جعله أكثر حذرا في تغطية الأحداث ويضيف “كنا نتعرض لمضايقات ومنع التغطية قبل 7 أكتوبر/تشرين الأول ومع ذلك نواصل التغطية، لكن الوضع اليوم مختلف والتغطية نفسها أصبحت ممنوعة”.

وتابع “رغم ارتدائنا أدوات السلامة التي تشير إلى عملنا الصحفي، ووجود شعار الجزيرة، تم تحطيم معداتنا والاستيلاء عليها لعدة ساعات”.

وأضاف نصار أنه لا توجد قوانين ولا خطوط حمراء، كما أن منعنا من التغطية يؤثر في وصولنا إلى المعلومة ومكان وقوع الحدث، وبالتالي غياب الرواية الفلسطينية “نتلقى يوميا اتصالات عن اعتداءات المستوطنين واقتحامات للجيش، ولا نستطيع الوصول بسبب إغلاق الطرق”.

ويشير التقرير السنوي لمعهد الأبحاث التطبيقية “أريج” إلى أن عدد الحواجز العسكرية الإسرائيلية في الضفة الغربية يبلغ 707، منها 140 حاجزا وعائقا جديدا تم وضعه بعد 7 أكتوبر/تشرين الأول.

في حين تقول هيئة مقاومة الجدار والاستيطان إنه في عام 2023، تم تهجير 25 تجمعا بدويا فلسطينيا تضم 1517 فردا، أغلبهم هجروا بعد 7 أكتوبر/تشرين الأول.

غياب ملحوظ

من جهته، يقول نضال يونس، وهو رئيس مجلس محلي يقدم خدماته لعدة تجمعات فلسطينية بمنطقة “مسافر يطا” جنوبي الخليل، إنه لاحظ غياب الصحفيين عن تغطية ما يتعرض له سكان تلك التجمعات من ملاحقة وتهجير منذ بدء العدوان على غزة.

وأضاف للجزيرة نت أن “وصول الصحفيين إلى التجمعات الفلسطينية في المنطقة (ج) بشكل خاص انخفض بشكل كبير، لأنه لا يوجد حرية وصول للصحفيين لتلك التجمعات، بسبب إغلاق الطرق من جهة، واعتداءات المستوطنين والجيش من جهة ثانية”.

وقال يونس إنه كان يستقبل شهريا 7 طواقم صحفية على الأقل في تغطيات ميدانية لتجمعات مهددة بالترحيل، أما بعد 7 أكتوبر/تشرين الأول، فإن “أغلب الصحفيين يكتفون بالتواصل بالهاتف، أو يأخذون معلوماتهم من مجموعات المناطق في تطبيقات التواصل”.

وتابع “الحركة مقيدة بشكل كبير جدا في كل المناطق، وفي المقابل فإن الاعتداءات تضاعفت كثيرا خلال الثلاثة الشهور الماضية خاصة في التجمعات القريبة من المستوطنات”.

واستشهد يونس بحالة أرملة فلسطينية تسكن بمحاذاة إحدى المستوطنات “تعرضت للاعتداء 30 مرة خلال 100 يوم، مما اضطرها للالتحاق بتجمع آخر، أقل عرضة للخطر”، مشيرا في هذا الصدد إلى أن وجود الصحفيين يقلل الاعتداءات، وغيابهم يفتح شهية المستوطنين لمزيد الانتهاكات بحق السكان.

التجمعات النائية أكثر حاجة لوجود الصحفيين بسبب تزايد اعتداءات المستوطنين (الجزيرة)

التفرد بالرواية

الصحفي جهاد القواسمي، عضو الأمانة العامة لنقابة الصحفيين الفلسطينيين، كان حاضرا وقت الاعتداء على الزميل منتصر نصار ومصور الجزيرة، وقال إن “باقي الصحفيين سارعوا في حينه إلى مغادرة المكان قبل وصول القوة العسكرية وبالتالي تعرضهم للضرب”.

وأشار القواسمي إلى حوادث أخرى بينها اعتقال مجموعة صحفيين لعدة ساعات، ومنع فريق صحفي ألماني من الوصول إلى “مسافر يطا”.

ورأى في الاعتداءات الإسرائيلية “عرقلة لعمل الصحفيين لمنع وصول الصورة وحجب الرواية الفلسطينية، والإبقاء على الرواية الإسرائيلية فقط”.

وأشار إلى أن تقطيع أوصال المحافظات الفلسطينية أثر سلبا على قيام الصحفيين بأعمالهم وتغطيتهم للأحداث في إحدى أكثر مناطق العالم توترا، “مناطق كثيرة تشهد أحداثا، ولا يصلها الصحفيون نتيجة الحواجز والإغلاقات”.

وأضاف القواسمي “ازدادت الأحداث بعد 7 أكتوبر/تشرين الأول، لكن يصعب وصول الصحفيين لتغطيتها، لقد اتسعت المناطق المحظور على الصحفيين دخولها”.

ووفق تقرير سنوي لنقابة الصحفيين، فإن الاحتلال الإسرائيلي والمستوطنين ارتكبوا 1172 انتهاكا خلال 2023، أكثر من نصفها (621) جرت في الربع الأخير من العام.

ومن بين الانتهاكات اعتقال نحو 58 صحفيا وصحفية منذ 7 أكتوبر/تشرين الأول في الضفة وغزة، و49 واقعة لجرائم واعتداءات المستوطنين بحق الصحفيين وأغلبها وقع بوجود قوات جيش الاحتلال.

وذكرت من الاعتداءات “ارتفاع منسوب التهديد والوعيد، تحطيم معدات والاستيلاء عليها، احتجاز الطواقم والمنع من التغطية”.

ووفق بيان المكتب الإعلامي الحكومي في غزة، الخميس، ارتفعت حصيلة القتلى الصحفيين داخل القطاع إلى 117 منذ 7 أكتوبر/تشرين الأول الماضي وحتى 13 يناير/كانون الثاني الجاري.

شارك المقال
اترك تعليقك

اترك تعليقاً

لن يتم نشر عنوان بريدك الإلكتروني. الحقول الإلزامية مشار إليها بـ *