وأشار جابر في حديث خاص لموقع “سكاي نيوز عربية”، إلى أن “مثل هده المناطيد تستخدم لأغراض عسكرية بحتة، إذ تشارك في مهمات تجسسية ودفاعية، مع التركيز على مراقبة وجمع المعلومات”.
وتم تطوير المنطاد “سكاي ديو” من قبل شركة الصناعات الجوية الإسرائيلية التي زودته بالرادارات، والشركة الأميركية المصنعة للمناطيد “تيكوم”، وسلم إلى القوات الجوية الإسرائيلية عام 2022، حسبما ذكرت وسائل إعلام إسرائيلية.
ومن مهامه المنطاد اكتشاف الطائرات المسيّرة وصواريخ كروز، التي قد تطلق من إيران أو سوريا، وأي أهداف صغيرة أخرى يصعب اكتشافها.
ويأتي إطلاق المنطاد مع التصعيد العسكري المستمر منذ أكثر من 3 أشهر بين الجيش الإسرائيلي وحزب الله، على الحدود بين إسرائيل ولبنان.
وأضاف جابر: “يقوم المنطاد حاليا بمهمات تجسس في المنطقة، بعد أن دمر حزب الله كاميرات التجسس التي نصبتها إسرائيل، خاصة في القطاع الشرقي والمنطقة المتاخمة لمزارع شبعا المحتلة، والرادار في جبل الجرمق الإستراتيجي”.
وعلق جابر: “كان من المتوقع أن تعمد إسرائيل إلى وسائل أخرى للتجسس بعد العملية، منها هذا المنطاد”.
وأضاف: “يفترض أن يكون هذا المنطاد مخصصا للمراقبة والتصوير، وإرسال صور مباشرة إلى غرفة عمليات الجيش الإسرائيلي، وهو بدأ بالفعل بإرسال الصور”، علما أنه “غير مجهز بالسلاح والصواريخ، بل يمكنه المراقبة والتقاط الصور على بعد يتراوح بين 30 و50 كيلومترا، وهذا يعني أن بإمكانه المراقبة المستمرة من نقطة الناقورة على الحدود اللبنانية الإسرائيلية إلى مدينة صيدا جنوبي بيروت”.
وتابع جابر: “في حال تحرك المنطاد فوق البحر المتوسط باتجاه صيدا، يمكنه حينها المراقبة حتى بيروت وفي عمق الداخل اللبناني”، لافتا إلى أنه “كلما انخفض ارتفاعه كانت الصور التي يلتقطها أدق وأكثر وضوحا”.
وختم: “شهد جنوب لبنان أكثر من مرة مناطيد إسرائيلية وأغلبها لم تكن متطورة، لكن الأخير مختلف طبعا”، لكن “يمكن إسقاطه بسهولة إذا كان على ارتفاع منخفض”، وفق جابر.
ماذا يقول القانون؟
حسب رئيس مؤسسة “جاستسيا” الحقوقية اللبنانية عميد الجامعة الدولية للأعمال بول مرقص، فإنه “استنادا إلى القانون الدولي العرفي والقانون الإنساني، يعرف البروتوكول الإضافي الأول لاتفاقات جنيف، في المادة 46 منه، التجسس الذي يحصل خلال نزاع دولي مسلح على أنه جمع المعلومات الذي يتم سرا أو بموجب مزاعم كاذبة”، وهو ما ينطبق على المنطاد الإسرائيلي.
وأضاف مرقص لموقع “سكاي نيوز عربية”: “تشير اللجنة الدولية للصليب الأحمر، إلى أن التجسس هو جمع أو محاولة جمع معلومات في الأراضي المسيطر عليها من جانب طرف عدو، من خلال فعل يتم على أساس ادعاءات كاذبة أو بشكل متعمد بطريقة سرية”.
وتابع: “يمس التجسس بمبدأ السيادة وقاعدة عدم تدخل الدول في الشؤون الداخلية للدول، وبالتالي فهو مخالف للقانون الدولي”.
ورأى أن “سيادة الدولة تمتد أيضا إلى البحار الإقليمية وفقا لاتفاقية الأمم المتحدة لقانون البحار، وإلى الأجواء الوطنية وفقا لاتفاقية الطيران المدني الدولي (اتفاقية شيكاغو)”.
وتابع الخبير الحقوقي الدولي: “تحظر اتفاقية فيينا بشأن العلاقات الديبلوماسية واتفاقية فيينا بشأن العلاقات القنصلية بشكل صريح على الدول القيام بأعمال تجسس ضد البعثات الدبلوماسية والقنصلية للدول المرسلة”.
لكن “بينما قد يكون التجسس الذي ينتهك سيادة دولة أخرى مخالفا للقانون الدولي، فإن أشكالا أخرى من التجسس يسمح بها رسميا”.
وقال مرقص موضحا: “يسمح القانون الدولي بالحصول على صور الأقمار الصناعية لدولة أخرى، استنادا جزئيا إلى مبدأ أن استخدام الفضاء الخارجي هو متاح للجميع، وأثارت محكمة العدل الدولية هذا الموضوع في قضية النشاطات العسكرية وشبه العسكرية في نيكاراغوا ضد الولايات المتحدة عام 1986”.
وختم: “استخدام (سكاي ديو) فوق الأراضي اللبنانية يشكل انتهاكا للقانون الدولي عموما، وللقرارات الدولية المتعلقة بلبنان وسيادة الدولة اللبنانية”.
رادارات ومساحة شاسعة
وفي سياق متصل، اعتبر الكاتب والمحلل السياسي علي حمادة أن هذا المنطاد “هو الأكبر الذي تطلقه إسرائيل في تاريخ الحروب العربية الإسرائيلية، وتكمن أهميته العسكرية أنه يغطي مساحات شاسعة من المنطقة، وهو مخصص للحرب الإلكترونية والرقابة الدقيقة ومسح ميادين المعارك على مسافات بعيدة”.
وأضاف حمادة في حديث لموقع “سكاي نيوز عربية”: “لدى المنطاد قدرات تجسسية كبيرة بما يحمله من رادارات ووسائل إلكترونية لتغطية مساحة سوريا ولبنان، ويتم تركيزه في أماكن بعيدة عن الحدود وعلى ارتفاعات شاهقة كيلا يتم إسقاطه”.
وتابع: “وفق المعلومات، يتم إعادة هذا المنطاد دوريا إلى نقطة الانطلاق، وإنزاله مع تبدل الأحوال الجوية وإعادة رفعه إلى ارتفاعات شاهقة، فيما تصبح أهميته مضاعفة في زمن الحرب، ليس فقط على الحدود اللبنانية بل فوق مرتفعات الجولان المحتلة أيضا، حيث يتوقع الجيش الإسرائيلي حصول عمليات تسلسل من الحدود السورية”.