مسؤول أميركي ينفي تنفيذ “ضربات جديدة” في اليمن

فريق التحرير
كتب فريق التحرير 9 دقيقة للقراءة

طرحت الضربات الغربية الأخيرة التي استهدفت مواقع للحوثيين في اليمن تساؤلات عن مدى القدرات العسكرية التي تتمتع بها الجماعة، وعما إذا كانت هذه الضربات نجحت في تقليص قدراتها على شن هجمات في البحر الأحمر.

وشنت الولايات المتحدة وبريطانيا، الخميس والجمعة، عشرات الضربات على أهداف لجماعة الحوثي في مناطق خاضعة لسيطرتها في اليمن، بعد استهدافها على مدار أسابيع، سفنا تجارية في البحر الأحمر.

وأظهرت صور أقمار صناعية آثار الدمار الذي خلفته الضربات. وشملت الضربات الجوية منشآت ومواقع عسكرية من ضمنها مطارات صنعاء والحديدة وتعز، وكذلك منشأتين صغيرتين تقعان على طول الساحل جنوب الحديدة في اليمن، وفقا لشركة “ماكسار تكنولوجيز”.

وقالت القيادة المركزية الأميركية “سنتكوم”، السبت، إن القوات الأميركية شنت “غارة جوية على موقع رادار تابع للحوثيين في اليمن”. وأعلنت أن الضربة نفذتها سفينة “يو أس أس كارني” باستخدام صواريخ “توماهوك”، مشيرة إلى أن هذه الضربة متابعة “لهدف عسكري محدد مرتبط بالضربات التي تم شنها، الجمعة”.

وذكرت “سنتكوم” أن هذه الضربات تهدف لـ”إضعاف قدرة الحوثيين على مهاجمة السفن، بما في ذلك السفن التجارية”.

في المقابل، كشف متحدث عسكري باسم الحوثيين أن “73 ضربة أدت إلى مقتل خمسة من عناصر الحركة وإصابة ستة”، مضيفا أن تلك الهجمات لن تمر “دون رد ودون عقاب” وأن الحركة ستواصل استهداف السفن المتجهة إلى إسرائيل. 

ومنذ 19 نوفمبر الماضي، يشن الحوثيون الذين يسيطرون على أجزاء واسعة من اليمن هجمات بواسطة صواريخ ومسيرات قرب مضيق باب المندب، يقولون إنها تستهدف سفنا تجارية على ارتباط بإسرائيل تضامنا مع الفلسطينيين في قطاع غزة، بينما تؤكد تقارير غربية أنها تطال سفنا تجارية لا صلة لها بإسرائيل، مما دفع إلى شركات شحن الحاويات والنفط في العالم إلى إعلان توجيه سفنها بعيدا عن البحر الأحمر، مما تسبب في اضطراب الشحن العالمي ورفع أسعار النفط.

هل قلصت قدرات الحوثيين؟

والسبت، نقلت صحيفة نيويورك تايمز الأميركية عن مسؤولين أميركيين اثنين إن الضربات الجوية التي قادتها الولايات المتحدة، يومي الخميس والجمعة، ألحقت أضرارا أو دمرت حوالي 90 في المئة من الأهداف التي تم ضربها، لكن الجماعة احتفظت بحوالي ثلاثة أرباع قدرتها على إطلاق الصواريخ والطائرات من دون طيار على السفن التي تعبر البحر الأحمر.

وكان الجنرال دوغلاس سيمز، مدير العمليات بهيئة الأركان المشتركة للجيش الأميركي، قال الجمعة، إن الضربات حققت هدفها المتمثل في الإضرار بقدرة الحوثيين على شن هذا النوع من الهجمات المعقدة بطائرات من دون طيار وصواريخ.

لكن المسؤولين الأميركيين، اللذين تحدثا إلى نيويورك تايمز، شريطة عدم الكشف عن هويتهما، حذرا من أنه حتى بعد ضرب أكثر من 60 هدفا بأكثر من 150 قطعة ذخيرة موجهة بدقة، فإن الضربات ألحقت أضرارا، أو دمرت حوالي 20 إلى 30 في المائة فقط من القدرات الهجومية للحوثيين، ومعظمها يتم تركيبه على منصات متنقلة، ويمكن نقلها أو إخفاؤها بسهولة.

ويلفت المسؤولون الأميركون إلى أن العثور على أهداف الحوثيين كان أكثر صعوبة مما كان متوقعا، فوكالات الاستخبارات الغربية “لم تنفق وقتا أو موارد كبيرة في السنوات الأخيرة على جمع بيانات عن موقع الدفاعات الجوية للحوثيين، ومراكز القيادة، ومستودعات الذخيرة، ومرافق التخزين والإنتاج للطائرات من دون طيار والصواريخ”.

لكن هذا الوضع تغير بعد هجوم حماس على إسرائيل في السابع من أكتوبر، والحملة البرية التي شنها الجيش الإسرائيلي في قطاع غزة، ومهاجمة الحوثيين السفن التجارية التي تعبر البحر الأحمر.

وقال المسؤولون إن المحللين الأميركيين يسارعون في العمل على تحديد الأهداف المحتملة للحوثيين يوميا.

وقال مسؤولون عسكريون إن القصف الجوي والبحري ليلة الخميس يتفق مع هذا النهج، إذ أصابت الموجة الأولى من الضربات التي قادتها الولايات المتحدة 60 هدفا مخططا مسبقا في 16 موقعا بأكثر من 100 قنبلة وصاروخ موجه بدقة. 

وبعد حوالي 30 إلى 60 دقيقة، تم تنفيذ موجة ثانية من الضربات على 12 هدفا آخر حددها المحللون على أنها تشكل تهديدا للطائرات والسفن.

ورغم خطابهم الناري وتعهداتهم بالانتقام، فإن الرد العسكري للحوثيين على هجوم الخميس كان “خافتا حتى الآن”، وفق الصحيفة الأميركية، إذ تم إطلاق صاروخ واحد فقط مضاد للسفن دون ضرر في البحر الأحمر، بعيدا عن أي سفينة عابرة، حسبما قال الجنرال سيمز، الجمعة.

لكن الجنرال والمسؤولين الأميركيين قالوا، السبت، إنهم يستعدون لهجوم يقوم به الحوثيون بمجرد أن يحددوا مقدار القوة النارية المتبقية لديهم ويستقروا على خطة الهجوم.

وقد أجرى  الحوثيون، السبت، مناورة عسكرية بمحافظة صعدة القريبة من الحدود السعودية، حسبما ذكرت وسائل إعلام تابعة للجماعة اليمنية المدعومة من إيران.

ونقلت وكالة بلومبرغ الأميركية، عن قناة “المسيرة” التابعة للحوثيين، إن التدريبات العسكرية “شملت إطلاق النار الحي بالدبابات والمدفعية، واستخدام الطائرات من دون طيار، وأسلحة أخرى..”.

وتنقل صحيفة نيويورك تايمز عن مسؤول أميركي إن الحوثيين “منقسمون داخليا على ما يبدو بشأن كيفية الرد”.

وقال الجنرال سيمز الجمعة: “أتوقع أنهم سيحاولون القيام بنوع من الانتقام”، مضيفا أن ذلك سيكون خطأ لأنه “ببساطة لن يتم العبث بنا هنا”.

وبعد أن أقسم قادة الحوثيين بالرد على تلك الهجمات، قال الرئيس الأميركي، جو بايدن، الجمعة، إنه قد يأمر بمزيد من الضربات إذا لم يوقف الحوثيون هجماتهم على السفن التجارية والعسكرية، بحسب وكالة رويترز. وقال بايدن للصحفيين في ولاية بنسلفانيا: “سنرد بالتأكيد على الحوثيين إذا واصلوا هذا السلوك الشنيع”.

ويحظى الحوثيون بدعم من إيران، التي بدأت زيادة مساعداتها للجماعة عام 2014 مع تصاعد الحرب الأهلية، ومع اشتداد تنافسها مع السعودية. 

وزودت إيران الجماعة بالصواريخ الباليستية وصواريخ كروز والمسيرات والتكنولوجيا، وفقا لتقرير صدر عام 2021 عن مركز الدراسات الاستراتيجية والدولية الأميركي.

ويشير المركز إلى أن “فيلق القدس” التابع للحرس الثوري الإيراني قدم الأسلحة والتدريب للمسلحين الحوثيين، ويشمل ذلك تحسين تكتيكاتهم العسكرية وتجميع واستخدام وصيانة الصواريخ والطائرات من دون طيار والأسلحة والأنظمة الأخرى.

وكثيرا ما فككت إيران أنظمة أسلحة تم وضعها على قوارب ونقلها عبر الموانئ العمانية واليمنية.

ويشير المركز إلى أن إيران زودت الحوثيين بالأسلحة والتكنولوجيا الخاصة بالصواريخ الموجهة المضادة للدبابات ومسيرات “قاصف”، وصواريخ كاتيوشا عيار 122 وأنظمة الدفاع الجوي المحمولة “ميساغ 2” والصواريخ الباليستية وصواريخ كروز. 

كما لاحظ المسؤولون الأميركيون التحسينات المتكررة على مدى ودقة وقوة صواريخ الحوثيين المنتجة محليا، وفق “سي “ن أن”.

وفي البداية، تم تجميع أسلحة الحوثيين محلية الصنع إلى حد كبير باستخدام مكونات إيرانية تم تهريبها إلى اليمن على شكل قطع، حسبما قال مسؤول مطلع على تقارير الاستخبارات الأميركية لشبكة “سي أن أن”. وقال المسؤول إنهم أجروا تعديلات أدت إلى تحسينات شاملة كبيرة. 

وفي تطور جديد، استخدم الحوثيون صواريخ باليستية متوسطة المدى مستهدفين إسرائيل، إذ أطلقوا وابلا من القذائف على منطقة إيلات، جنوبي إسرائيل في أوائل ديسمبر.

وفي حين أن الحوثيين قد لا يكونون قادرين على تشكيل تهديد خطير للدولة العبرية، فإن التكنولوجيا التي يمتلكونها يمكن أن تلحق أضرارا كبيرة في البحر الأحمر، بعد أن استخدموا طائرات من دون طيار وصواريخ مضادة للسفن لاستهداف السفن التجارية، وفق “سي أن أن”.

بعد الضربة المشتركة.. هل سيرتدع الحوثيون عن هجماتهم؟

بعد تحذيرات متلاحقة لوقف أعمالهم العدائية بالبحر الأحمر، نفذت قوات أميركية وبريطانية، ضربات استهدفت بنيات تحتية عسكرية تابعة للحوثيين في اليمن، لدفع الجماعة المسلحة لخفض تصعيدها، وحماية حركة الملاحة والتجارة التي تضررت جراء هجماتها على السفن التجارية بهذا الممر البحري الحيوي.

وبشأن ما إن كانت الجماعة المسلحة قادرة على تنفيذ تعهدها بالانتقام بعد هذه الضربة، قال الباحث بهاء محمود، في تقرير سابق لموقع الحرة، إن ردها سيكون بـ”حسبان مخاطر التصعيد وخطر اتساع الصراع”، متوقعا أن تلجأ لـ”خيار التمهل وعدم مفاقمة الخسائر التي تعرضت لها بعد الضربة الأخيرة”.

وقال الباحث والمحلل العسكري، حسن المصطفى، إن الضربات قد تحد “مرحليا” من قدرات الحوثيين، إلا أنها لن “تمنعهم من مواصلة الهجمات. وتوقع المحلل أنه حتى بضربات أكبر أو أوسع، ستكون لدى الجماعة “القدرة على صناعة طائرات مسيرة صغيرة الحجم، خفيفة الوزن، محدودة التأثير، رخيصة التكلفة، إلا أنها مؤذية، وقد تكون لديها القدرة على المناورة، فهي تطير على ارتفاع منخفض؛ ومن هنا ستكون سلاحا فعالا، رغم محدودية قدرته الهجومية”.

شارك المقال
اترك تعليقك

اترك تعليقاً

لن يتم نشر عنوان بريدك الإلكتروني. الحقول الإلزامية مشار إليها بـ *