حذر باحثون ومحللون من أن الولايات المتحدة قد تؤجج الصراع في المنطقة من خلال استعمالها القوة العسكرية ضد الحوثيين، وقالوا إنه كان يجدر بها إيقاف الحرب الإسرائيلية في قطاع غزة لتنهي التوتر بالبحر الأحمر.
وكانت الولايات المتحدة شنت، مع بريطانيا، غارات جوية على أهداف لجماعة أنصار الله الحوثيين في اليمن. ووفق التصريحات التي أدلى بها مسؤول أميركي للجزيرة، فإن الضربات استهدفت مواقع رادار ومنصات مسيّرات وصواريخ ومواقع رصد ساحلية.
وقال الباحث الأول بمركز الجزيرة للدراسات، الدكتور لقاء مكي إن الولايات المتحدة الأميركية ذهبت إلى الحل الأمني مع الحوثيين، لأنها غير راغبة في إيقاف السبب الأساسي الذي أدى إلى نشوب التوتر في البحر الأحمر، وهي الحرب الإسرائيلية على قطاع غزة.
وفي السياق، رأى مدير مركز القدس للدراسات السياسية، عريب الرنتاوي أن من أراد أن يحفظ أمن الملاحة في البحر الأحمر عليه أن يوقف المذبحة في قطاع غزة، وقال “إن الولايات المتحدة اختارت العربدة على الطريقة الإسرائيلية في البحر الأحمر ولجأت إلى التجييش والعسكرة وبناء التحالفات بدل الذهاب إلى جوهر المشكلة”.
وأضاف أن الولايات المتحدة باستعراضاتها العسكرية في البحر الأحمر إنما تطيل أمد الصراع في غزة وتعطي رئيس وزراء إسرائيل بنيامين نتنياهو وحكومته مزيدا من الوقت لتنفيذ أهدافهم الإجرامية ضد الشعب الفلسطيني في غزة.
ومن وجهة نظر الرنتاوي، فقد قدم الحوثي معادلة سهلة جدا: أوقفوا المذبحة على غزة وأدخلوا المساعدات وافتحوا المعابر لإدخال الغذاء والدواء ينتهي كل شيء وتعود الأمور إلى مجاريها.
ومن جهته، لفت أستاذ السياسة الدولية والسياسات المقارنة في جامعة النجاح الوطنية، الدكتور حسن أيوب -في حديثه ضمن الوقفة التحليلية اليومية على قناة الجزيرة “غزة.. ماذا بعد؟”- إلى أن الضربة العسكرية التي وجهت للحوثيين “هي إحدى علامات فشل الدبلوماسية الأميركية”، باعتبار أن واشنطن ومنذ السابع من أكتوبر/تشرين الأول وحتى الآن أعلنت أنها تسعى إلى منع توسيع رقعة الحرب في المنطقة.
وأكد أن الولايات المتحدة وبريطانيا ليس لديهما أي أوراق يلعبانها على المستويين الدبلوماسي والسياسي، ولذلك اختارتا القوة العسكرية للتعامل مع هجمات الحوثيين التي قال إنها أحدثت اختلالا في التجارة العالمية التي يمر 20% منها عبر باب المندب والبحر الأحمر.
ولأن السياسة الأميركية والإسرائيلية تهدف بالأساس إلى ردع المقاومة وعدم السماح لها بتحقيق أي انتصار، تتحرك واشنطن -يضيف أستاذ العلوم السياسية- لتقول علنا إنها قوة لا غنى عنها وتستطيع أن تلجأ للقوة العسكرية لحماية حلفائها ومشاريعها الكبرى.
تداعيات
وبشأن التداعيات المتوقعة بعد الغارات الأميركية والبريطانية على الحوثيين، قال الدكتور مكي إن الحوثيين طالما لديهم القدرة فسيستمرون في ضرباتهم وربما بشكل أقوى عبر توسيع دائرة الاستهداف والتهديد.
وأشار إلى أنهم هددوا بضرب المصالح الأميركية والبريطانية والسفن العسكرية وربما التجارية، وسيمتد لاحقا إلى جميع السفن المارة عبر البحر الأحمر وربما يتطور إلى عمليات نوعية في مناطق أخرى وحتى داخل دول الخليج حيث المصالح الأميركية.
وفي المقابل، يقول الباحث الأول بمركز الجزيرة للدراسات إنه إذا لم يفهم الحوثي الرسالة الأميركية فستستمر الضربات ضده.
ومن جهة أخرى، تحدث مكي عن دور البحرين في الهجوم الأميركي على الحوثيين، مؤكدا أن مشاركتها لم تكن لها قيمة ولا داع ووجودها كان خارج النص.
وأرجع ذلك إلى أنها لا تملك قوة عسكرية في البحر الأحمر وليس لديها ساحل هناك. وقال إن البحرين التي توجد بها مصالح أميركية وبريطانية قد تكون هدفا للحوثيين، الأمر الذي قد يثير أزمة أمنية بمنطقة الخليج.
وكانت الولايات المتحدة أعلنت في 18 ديسمبر/كانون الأول الماضي تشكيل قوة بحرية مشتركة من دول عدة باسم “حارس الازدهار”، وأوضحت أن الهدف من هذه القوة هو ردع هجمات الحوثيين بالبحر الأحمر.