مراكش ـ لحظات فزع غير مسبوقة عاشتها السيدة نزهة بحي المحاميد في مدينة مراكش، حين اهتزت البناية التي تقطنها في حدود الساعة 11:10 دقائق ليلة أمس الجمعة الثامن من سبتمبر/أيلول، فهرعت نحو أمها وشرعتا في ترديد الشهادتين.
“خلال أكثر من دقيقة، وصل قلبي إلى فمي وشعرت بالدوار، وضاعف خوفي انقطاع التيار الكهربائي وسقوط أواني داخل المطبخ وانكسار زجاج نافذته”، تروي السيدة الستينية -للجزيرة نت- وعلامات الصدمة بادية على وجهها.
وتضيف، “كنا في حيرة تامة، اعتقدنا في البداية أن الأمر يتعلق بانفجار كبير بأحد محلات قنينات الغاز الكبيرة القريبة، قبل أن نتأكد أن الأمر أكبر من ذلك”.
نوبة هلع
يقول عبد السلام أحد سكان المنطقة -للجزيرة نت- إنه اتجه في لحظات الزلزال الأولى نحو زوجته وأولاده وعانقهم وحاول تهدئتهم، في حين ألحت ابنته الصغيرة على الخروج إلى الشارع مخافة سقوط البناية.
أما السيدة صفاء فتقول -للجزيرة نت- إن شقيقتها انتابتها نوبة هلع كبيرة وبدأت تصرخ حتى استيقظت ابنتها الصغيرة من النوم فزعة، وفشلت مساعيها لتهدئتهما معا ولم تستطع الصغيرة النوم مجددا إلا بعد محاولات عديدة.
واكتظت الشوارع والحدائق والساحات بالناس وأُوقفت السيارات بعيدا عن المباني. وعاينت الجزيرة نت افتراش أسر كاملة الأرصفة ولم يدُر بينهم حديث سوى عن الزلزال وسقوط ضحايا ومصابين.
فضلت نزهة كذلك المبيت في الشارع مثلها مثل العديد من الناس الذين أرعبهم انتشار إشاعة مفادها حدوث هزات عنيفة مرتقبة حوالي الساعة الثالثة فجرا.
وحين أيقنت أن الأمر يتعلق بزلزال، بدأت إثر عودة شبكة الاتصالات للعمل، بالاتصال بأقاربها وأهاليها في الأرجاء للاطمئنان عليهم، إلى أن وصلها خبر وفاة أحدهم بأمزميز في أحواز مراكش.
وشهدت المدينة القديمة لمراكش وحي سيدي يوسف بن علي وقوع حالات وفيات متفرقة، بعضهم بعد وصولهم إلى المستشفى، وفق ما أكدته مصادر موثوقة من السكان للجزيرة نت.
ووجه “المركز الجهوي لتحاقن الدم” نداءات للتبرع، بعد وصول حالات مصابة إلى المستشفى المحلي بالمدينة.
رعب حقيقي
وعاشت مناطق جبلية في أحواز المدينة هلعا كبيرا ولحظات رعب حقيقية، امتزج فيها صراخ النساء والأطفال بدوي سقوط المنازل على الأهالي، وارتفعت سحب الغبار عاليا حجبت الرؤيا لدقائق وأزكمت الأنوف، كما يفيد محمد، وهو إطار في التربوي من جماعة (بلدية) تلاث نيعقوب” (حوالي 70 كيلومترا من مدينة مراكش)، في اتصال هاتفي للجزيرة نت.
ويؤكد، “حوصرتُ بين الأنقاض لعدة دقائق، واعتقدتُ أن الأجل قد حان، قبل أن يتم إنقاذي على يد جيراني”.
ويضيف أن “دواوير متفرقة” عرفت وفيات متعددة، مع انقطاع التيار الكهربائي وقطع الطرق، ووجود شقوق على الطريق الإسفلتي.
واطلعت الجزيرة نت على عمليات إنقاذ بوسائل بسيطة جدا في مقاطع فيديو حصلت عليها من مصادر موثوقة، تظهر الهلع التي أصاب السكان في منطقة أمزميز، (قرابة 55 كيلومترا عن مدينة مراكش).
يقول عبد الجليل وهو ناشط مدني -للجزيرة نت- إن أغلب المنازل في المنطقة الجبلية، والتي بُني أغلبها من الطين، هدمت بالكامل، في حين حدثت شقوق خطيرة في بنايات أخرى.
ويضيف أن سكّان المناطق الجبلية ما زالوا يعيشون -حتى حدود هذا الصباح- على وقع الصدمة، وما تزال الجهود “المضنية” مستمرة للبحث عن مفقودين، وتأكد وفاة العشرات من بينها أسر كاملة في عدد من الدواوير، ودعا إلى ضرورة التدخل العاجل من أجل تقديم المساعدة للسكان.
مساعدات
وانطلقت عمليات إيصال المساعدات إلى المناطق المتضررة، حسب ما توصلت إليه الجزيرة نت من مصادرها. وعملت فرق الوقاية المدنية في الساعات الأولى من صباح اليوم السبت بسرعة فائقة على تحميل الشاحنات لإيصال المساعدات في أسرع وقت ممكن إلى السكان المتضررين من الزلزال.
وبلغ عدد ضحايا الزلزال الذي ضرب مساء أمس الجمعة المغرب وحدد مركزه في جماعة “إغيل” بإقليم الحوز، 822 قتيلا و672 مصابا، منهم 205 في حالة خطيرة، نقلا عن وزارة الداخلية المغربية.
وتم تسجيل 394 وفاة بإقليم الحوز، و271 وفاة في إقليم تارودانت، و91 وفاة بإقليم شيشاوة، و31 في إقليم ورزازات، و13 في عمالة مراكش، و11 بإقليم أزيلال، و5 وفيات في عمالة أكادير إداوتنان، و3 وفيات بالدار البيضاء الكبرى، وحالة وفاة واحدة في إقليم اليوسفية.
يذكر أنه بتعليمات من الملك محمد السادس، نشر الجيش -بشكل مستعجل على إثر الزلزال الذي ضرب منطقة الحوز- وسائل بشرية ولوجستية مهمة، جوية وبرية، إضافة إلى وحدات تدخل متخصصة مكونة من فرق البحث والإنقاذ، ومستشفى طبي جراحي ميداني، حسب بيان القيادة العليا للقوات المسلحة.
وذكر البيان أنه تم نشر وحدات للتدخل، وطائرات، ومروحيات، وطائرات بدون طيار، ووسائل هندسية، ومراكز لوجستية في مناطق الزلزال لتقديم الدعم الضروري لمختلف القطاعات المعنية والسكّان المتضررين.